غزل واشنطن ودمشق يربك نتنياهو في الجولان
رغم رفع الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، العقوبات عن الرئيس السوري أحمد الشرع، إلا أن "الموقف الإسرائيلي العدائي تجاه الحكومة السورية الجديدة" برز كنقطة خلاف نادرة مع الإدارة الأميركية.
فالرئيس ترامب يسعى إلى حل سريع للتوترات المستمرة بين تل أبيب ودمشق منذ عقود.
بعد سقوط النظام السوري السابق قبل عام، سيطرت إسرائيل على منطقة مساحتها 155 ميلاً مربعاً داخل سوريا، ولا تزال تسيطر عليها. ومنذ ذلك الحين، نفذت اعتقالات، وصادرت أسلحة، وشنت غارات جوية متكررة في جنوب البلاد.
وخلال الصيف، قصفت إسرائيل مقر قيادة الجيش السوري في دمشق، فيما زعمت أنه محاولة لحماية الأقلية الدرزية. فإلى أين تتجه الخلافات بين ترامب ونتنياهو حول سوريا الجديدة؟
وفق
تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال، يمثل الخلاف بين إسرائيل وسوريا مصدر إحباط لواشنطن، التي دعمت إسرائيل عموما في حروبها مع حماس وحزب الله وإيران.
وتتوسط الولايات المتحدة في محادثات بشأن اتفاق أمني بين سوريا وإسرائيل، من شأنه أن يمهد الطريق لسلام طويل الأمد، إلا أن هذه المحادثات تبدو متعثرة. وفي ظلّ وقف إطلاق النار في غزة، وجهود جديدة لإنهاء القتال في أوكرانيا، يدعو ترامب إسرائيل إلى إبرام هذا الاتفاق.
ويؤكد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أن مثل هذا الاتفاق لا يمكن تحقيقه إلا إذا قبلت سوريا بنزع سلاح الأراضي الممتدة من جنوب دمشق إلى الحدود الإسرائيلية، وهو مطلب يرفضه الشرع، الذي يرى أنه سيخلق فراغًا أمنيًا في جنوب سوريا.
كما أن إسرائيل التي استخلصت درسًا من هجمات 7 أكتوبر 2023، مفاده أنها لا تستطيع التنازل عن مصالحها الأمنية لإرضاء جيرانها أو حتى واشنطن، بعد أن رأت أن الانسحابات التي دعمتها الولايات المتحدة من غزة عام 2005 وجنوب لبنان عام 2000 أخطاءً سمحت لجماعتي حماس وحزب الله بتجهيز قواعد انطلاق لشن هجمات عبر الحدود.
يقول يعقوب أميدرور، مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق: "من السهل المجازفة من واشنطن، لكن الأمر أكثر خطورة في مرتفعات الجولان، إنها منطقة قريبة جدًا".
ترامب والعلاقة الجديدة مع سوريا
لم ينتقد ترامب إسرائيل علنًا بسبب سياستها تجاه سوريا، لكنه أوضح ما يريده. كتب في منشور على موقع "تروث سوشيال" مطلع هذا الشهر: "من المهم جدًا أن تحافظ إسرائيل على حوار قوي وصادق مع سوريا، وألا يحدث أي شيء يعوق مسيرة سوريا نحو الازدهار".
وأعرب ترامب عن "رضاه البالغ" حيال أداء الرئيس السوري أحمد الشرع الذي قام بزيارة تاريخية إلى البيت الأبيض في نوفمبر.
لكن تصاعد التوتر على خلفية مئات الضربات التي نفّذتها إسرائيل في سوريا. وفي هجوم اعتُبر الأكثر دموية حتى الآن، قتلت القوات الإسرائيلية 13 شخصا في 28 نوفمبر في عملية في قرية بيت جن الواقعة جنوب غرب دمشق قالت تل أبيب إنها استهدفت خلالها عناصر من "تنظيم الجماعة الإسلامية".
والجماعة الإسلامية تنظيم ينشط في لبنان، وهو حليف لحركة حماس. وسبق لإسرائيل أن استهدفت عددا من قادته خلال حربها الأخيرة مع حزب الله.
وقال ترامب إن الشرع "يعمل بجد لضمان حدوث أمور جيدة ولتكون لسوريا وإسرائيل علاقة طويلة الأمد ومزدهرة معا".
وأضاف أن الولايات المتحدة "تبذل كل ما في وسعها لضمان مواصلة الحكومة السورية القيام بما يلزم" لإعادة بناء الدولة التي عانت من سنوات من الحرب.
وشدد على أن إقامة علاقات جيدة بين سوريا وإسرائيل سيدعم جهوده الرامية لتحقيق السلام في الشرق الأوسط بعد وقف إطلاق النار الهش الذي تم التوصل إليه لإيقاف حرب غزة في أكتوبر.
تُظهر الآراء المتباينة حول الوضع السوري الجديد المخاطر التي ينطوي عليها الموقف العسكري الإسرائيلي منذ هجمات 7 أكتوبر.
وتُلقي المؤسسة الأمنية الإسرائيلية باللوم على إسرائيل لعدم قدرتها على التنبؤ بالهجمات التي قادتها حماس، وذلك لفشلها في التصدي للتهديدات على طول حدودها.
وبدلاً من ذلك، سمحت لحماس في غزة وحزب الله في لبنان بالتوسع، معتقدةً أن هاتين الجماعتين لن تتمكنا من عبور الحدود بأعداد كبيرة.
قال أفنير غولوف، المدير السابق في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي: "إنّ المخاطر في سوريا أقلّ من أي مكان آخر. إذا كنتم تريدون من ترامب أن يكون إلى جانبكم في العديد من القضايا الأكثر أهمية وخطورة، فهذه هي الورقة التي يجب أن تدفعوا بها".